تدريس الصوتيات الإنجليزية للطلاب العرب
لحظة لا أنساها في الفصل: "أريد أن أوقف سيارتي"
أذكر جيداً ذلك اليوم في أحد فصولي للمبتدئين. كان "يوسف"، أحد أكثر طلابي حماساً، يحاول أن يشارك في حوار حول الأنشطة اليومية. أراد أن يقول إنه بحاجة لإيقاف سيارته في الموقف. بتردد طفيف، قال: "I need to bark my car". ابتسم بعض زملائه بلطف، بينما هو نظر إليّ في حيرة، شاعراً أن هناك خطأ ما لكنه لا يعرف ما هو.
هذا الموقف الصغير والبسيط هو جوهر التحدي الذي يواجهه الكثير من المتحدثين بالعربية عند تعلم اللغة الإنجليزية. لم يكن خطأ يوسف نابعاً من قلة فهم، بل من حقيقة لغوية بحتة: حرف P بكل ما يحمله من هواء مندفع عند النطق، غير موجود في الأبجدية العربية. لذا، يستبدله العقل تلقائياً بأقرب صوت مألوف، وهو حرف B.
ليست مجرد حروف، بل هي أصوات لم نعتدها
على مدار سنوات من التدريس، لاحظت أن هذا النمط يتكرر مع أصوات أخرى. الخلط بين /p/ و /b/ هو الأكثر شيوعاً[4]، ولكن هناك أيضاً التحدي الكبير في التفريق بين /f/ و /v/. كم مرة سمعت طالباً يقول "a very beautiful fairy" لتبدو وكأنها "a ferry beautiful vary"؟ هذا يحدث لأن صوت /v/، بتلك الاهتزازة في الحلق، ليس من الأصوات الشائعة في معظم اللهجات العربية.
في البداية، كنت أعتمد على التصحيح اللفظي المباشر. لكن سرعان ما أدركت أن التكرار وحده لا يكفي. كان عليّ أن أجعلهم "يشعرون" بالفرق. مع يوسف، استخدمت طريقة بسيطة: طلبت منه أن يضع راحة يده أمام فمه وينطق كلمة "Park". شعر بالهواء الدافئ الذي اندفع من فمه، وهو ما لم يحدث عند نطقه لكلمة "Bark". كانت تلك اللحظة بمثابة اكتشاف له. بدأنا نتدرب على كلمات أخرى: "Pay" مقابل "Bay"، "Apple" مقابل "Able". أصبح الأمر لعبة ممتعة بدلاً من كونه تصحيحاً محرجاً.
من الجمل المتدفقة إلى الأفكار الواضحة
تحدٍ آخر لاحظته، لكن هذه المرة في الكتابة، هو ما أسميه "متلازمة الواو". في اللغة العربية، من الشائع والمقبول بلاغياً ربط عدة أفكار وجمل باستخدام حرف العطف "و"، مما ينتج عنه جمل طويلة ومتدفقة[5]. طالبة مجتهدة اسمها "نورة" كانت دائماً ما تسلمني فقرات تبدو كسلسلة لا تنتهي من الأفكار المترابطة بـ "and".
كانت تكتب شيئاً مثل: "Yesterday I went to the mall and I bought a new dress and I saw my friend Sarah and we had coffee together and then I went home."
الجملة مفهومة، لكنها تفتقر إلى البنية الإنجليزية السليمة التي تعتمد على الجمل القصيرة والمباشرة والفواصل الزمنية. بدلاً من انتقاد أسلوبها، شرحت لها أن الكتابة الإنجليزية تشبه بناء جدار من الطوب؛ كل طوبة (جملة) يجب أن توضع بعناية وبشكل مستقل لتصنع بناءً قوياً. اتفقنا على قاعدة بسيطة كبداية: لا تضع أكثر من فكرتين رئيسيتين في الجملة الواحدة. تدريجياً، بدأت كتاباتها تصبح أكثر تنظيماً ووضوحاً، وتعلمت كيف تستخدم أدوات الربط الأخرى مثل "but" و "so" و "because".
تأملات من قلب الفصل
إن تدريس اللغة ليس مجرد تلقين قواعد ومفردات. إنه رحلة في فهم كيف يفكر الآخر، وكيف تشكل لغته الأم رؤيته للعالم وللغات الجديدة. طلابنا لا يرتكبون "أخطاء"، بل يقومون "بمحاولات منطقية" بناءً على ما يعرفونه بالفعل. مهمتنا كمعلمين هي ليست محو لغتهم الأم، بل بناء جسر بينها وبين اللغة الإنجليزية.
عندما أرى يوسف اليوم يتحدث بثقة عن خططه المستقبلية، أو أقرأ فقرة كتبتها نورة بأسلوب واضح ومنظم، أدرك أن النجاح الحقيقي لا يكمن في نطق حرف P بشكل مثالي، بل في بناء الثقة التي تسمح لهم بالتعبير عن أنفسهم دون خوف من الخطأ. وهذه هي أجمل مكافأة يمكن أن يحصل عليها أي معلم.